التفكير العلمي والمنهج العلمي : مقدمة إلى العلم - مادة مترجمة

نشرت في دروب في 2008  و أعيد نشره لطلب بعض الأًصدقاء ..

هذه ورقة غاية في الأهمية، أترجمها وأهديها لكل قارئ جاد يهمه أن يعيش حياته بوضوح وعقلانية ومسؤولية. أهديها لكل قارئ متعلم ويظن أن العلم أداة ليست للترف؛ أداة سهلة المتناول لكل  منا حسب ما يستطيع  أن يوفر لها من وقت وطاقة وأداة قدمت لنا أفضل ما لدينا من المعارف الإنسانية على أرض الواقع.


هذه ورقة هامة وذائعة الصيت عن العلم، ماهو، وعن التفكير العلمي والنقدي - التقييمي - وعن المنهج العلمي. الورقة قد تكون "طويلة" ولكنها ممتعة وسهلة المتناول وللقارئ المهتم والمسؤول أن يطبع هذه الترجمة ويستمتع بقراءتها  مراراً وتكراراً و يتفكر و يتوسع، لترسخ الفائدة.

هناك الكثير من المواد الجديرة بالترجمة عن التفكير العلمي والنقدي والمنهج العلمي ولكن هذه الورقة شهيرة ومفيدة في ذات الوقت وتجمع الكثير من المادة الأساسية في مقالة واحدة متناسقة. لتكن أحد مصادر القراءة والمشاهدة والبحث و الاستثمار في صقل مهارة أساسية لا نستغني عنها كلما الزمن.

عنوان الورقة الأصلي هو:


كتبها ستيفن الدكتور دي شافرزمان من جامعة ميامي

نص الورقة المُترجَم .. وقتاً ممتعاً:

تعريف العلم

ليس العلم مجرد مجموعة من الحقائق والمفاهيم والأفكار المفيدة عن الطبيعة. وليس العلم استكشافاً منظماً للطبيعة. هذا رغم أن هذين تعريفان شائعان للعلم. العلم هو منهج لاستشكاف الطبيعة  وطريقة للتعرف عليها  تكشف لنا عن معرفة يمكن الاعتماد عليها عن الطبيعة. وبعبارة أخرى، فالعلم هو منهج لاستكشاف معرفة مُعتمَدة - يمكن الإعتماد عليها - عن الطبيعة. وهناك عدة طرق أخرى لاستكشاف وتعلّم المعارف عن الطبيعة، ولكن العلم هو المنهج الوحيد الذي ينتج لنا محصلة معرفية معتمدة وسنتحدث لاحقاً عن الطرق الاخرى والانظمة التي تتخالف مع العلم.

المعرفة المعتمدة هي المعرفة التي تتسم بنسبة احتمال عالية من الصحة، لأن صحتها تم التحقق منها بمنهج معتمد. ويمكن ان تسمى المعرفة المعتمدة أحياناً بقناعة صحيحة تم التحقق منها وذلك للتمييز بينها وبين القناعة الخاطئة والقناعة التي لا تبرير لها  أو القناعة الصحيحة والتي لا تبرير لها أيضًا. وأود أن أنبه أنني لا أفرق كما يفرق غيري بين القناعة / العقيدة والمعرفة. وأظن أن ما يؤمن به المرء هو معرفة والفرق المهم بينهما هو: هل أن معرفة هذا الشخص أو عقيدته صائبة؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل هناك من دليل على صحتها؟ كل منا لديه معرفة أو عقيدة / قناعة ولكن ليست تلك المعرفة أو العقيدة معتمدة الصحة وعليها دليل.  والحقيقة أن أكثر الناس يؤمنون بأشياء ليست صحيحة أو ليس عليها دليل أو كان كلا الحالين. معظم الناس يمتلكون معارف غير معتمدة والأسوأ من ذلك أنهم يقومون بالبناء على تلك المعرفة! والطرق الأخرى للمعرفة  -وهي كثيرة بجانب طريقة العلم - الطرق الأخرى للمعرفة.. ليست مُعتمَدة، لأن ما تكشف عنه تلك الطرق لا يقوم على دليل. العلم هو منهج يجعل الانسان يمتلك معارف بأقصى ما يمكن من اليقين؛ أي معارف معتمدة عن الطبيعة - هي "عقيدة" صحيحة وعليها دليل.



المنهج الذي يستخدم من أجل الاستدلال على صحة المعرفة العلمية يضمن أن تكونمعتمدة فيما بعدُ يُسمى المنهج العلمي. وسأوضح فيما بعدً،  في هذه المقالة الخطوات المحددة للمنهج العلمي، ولكن لنبدأ أولاً بوصف التطبيق العملي للتفكير العلمي والتقييمي - النقدي.

التفكير العلمي والنقدي - التقييمي

عندما يقوم المرء باستخدام المنهج العلمي لدراسة الطبيعة واستكشافها ودراسة واستكشاف الكون، فإنه يطبق التفكير العلمي. كل العلماء يطبقون التفكير العلمي وذلك أنهم بالطبع يدرسون ويستكشفون الطبيعة والكون باستخدام المنهج العلمي. ولكن التفكير العلمي ليس محتكراً على العلماء فقط. وكل منا يمكن أن يفكر مثل العلماء الذين يدرسون المنهج العلمي، والأهم من ذلك أنهم يطبقون مفاهيمه سواء استكشفوا أم لم يستكشفوا الطبيعة. عندما يستخدم المرء مناهج ومفاهيم التفكير العلمي في الحياة اليومية مثل أن يفعل ذلك عندما يدرس التاريخ او الأدب او يستطلع المجتمعات والحكومات ويبحث عن حلول لمشكلات الاقتصاد والفلسفة أو يجيب على اسئلة شخصية عن نفسه أو عن معنى الوجود، فهذا كله يسمى تفكيرًا علميًا أو تقكيرًا نقديًا. التفكير النقدي او التقييمي هو التفكير الصحيح الذي يؤدي بنجاح إلى افضل الاجابات المعتمدة للاسئلة وأفضل الحلول المعتمدة للمشاكل. وبمعنى آخر،  فإن التفكير النقدي يعطي معرفة معتمدة عن كل جوانب حياتك ومجتمعك وليس محتكرًا في الدراسة الرسمية للطبيعة. التفكير العلمي يتطابق في النظرية والواقع - عمليًا ونظريًا - ولكن هذا المصطلح يستخدم ليعني المنهج الذي يعطينا معرفة معتمدة عن العالم الطبيعي.  ومن الواضح أن التفكير العلمي والتقكير النقدي هما شئ واحد، ولكن التقكير العلمي يطبقه العلماء والتفكير النقدي يستخدمه الناس احيانًا  وأحيانا لا يستخدمونه! التفكير العلمي والنقدي لم يكتشفه ولم يطوره العلماء ولكن شرف ذلك يرجع إلى الفلاسفة الهيلينيين مثل ارسطو والذي احيانًا ما يطلق عليه اسم "أول عالم". ولكن العلماء هم من اهتموا واستخدموا التكفير النقدي عمليًا في المجمع الحديث في القرن السابع عشر والثامن عشر وهم أكثر الناس وضوحاً  وصرامةً من مطبقي التفكير النقدي اليوم.

وبعض المشتغلين في حقل الإنسانيات والعلوم الاجتماعية والقانون والأعمال والصحافة يطبقون التفكير العلمي مثلهم مثل أي عالم ولكن الغالبية منهم لا تفعل.  يجب أن يمارس العلماءُ التفكير النقدي كي ينجحوا ولكن متطلبات النجاح في الحِرَف والوظائف الأخرى  قد لا تستدعي التفكير النقدي، و وهذا حقيقة يسبب الكثير من الزلل والخلاف والتعاسة في مجتمعاتنا.

المنهج العلمي اثبت انه اكثر المناهج المعتمدة والناجحة في التفكير في التاريخ الإنساني. ومن الممكن أن نستخدم التفكير العلمي في قضايانا المصيرية الإنسانية. ولهذا السبب، فإن التفكير النقدي - التطبيق العلمي للتفكير العلمي لكل المجالات الدراسية والموضوعات الاستكشافية - أصبح يدرس الأن في كل المدارس في الولايات المتحدة الأمريكية وتدريسه أصبح أمرًا يُشجَّع عليه كهدف عام. وربما مرّ عليك التفكير النقدي ومهاراته والتدريبات عليه في مراحلك التعليمية السابقة. والأهم هنا هو التفكير النقدي و هو أهم مهارة يمكن أن يتعلمها الطالب في المدرسة أو الجامعة وإذا استطعت أن تتقنها فإنك ستعرف كيف تفكر بشكل ناجح وتصل إلى قناعات معتمدة وهذه القدرة ستكون ذات قيمة في كل المجالات بما في ذلك الإنسانيات والعلوم الاجتماعية والتجارة والقانون والصحافة والحكومة بالاضافة إلى الدراسة والمجالات العلمية. وبما أن التفكير العلمي هو نفسه التفكير النقدي - كما أدعي - فإن المرء إذا تعلم التفكير العلمي في مادة العلوم، فإنه سيتعلم في نفس الوقت أهم ما يمكن ان يتعلمه الطالب من مهارات يمتكلها وهي التفكير النقدي. وهذا كما يبدو لي، هو السبب الذي يأتي في المقدمة الذي يتوجب على طلاب الجامعة ان يدرسوا العلوم بغض النظرعن التخصص النهائي أو الإهتمام  أو الوظيفة.

المكونات الثلاثة الاساسية للتفكير العلمي والنقدي

ما هو التفكير العلمي؟ في هذه النقطة، من الأفضل أن نناقش الاسئلة والملاحظات والبيانات والفرضيات والاختبارات والنظريات والتي تمثل الأجزاء الاساسية للمنهج العلمي ولكن هذه ليست أهم المكونات التي تكون المنهج العلمي. المنهج العلمي يطبق في إطار التفكير العلمي والتفكير العلمي والنقدي مبنيٌّ على ثلاثة أسس:

  1. استخدام الدليل التجريبي- التجربة
  2.  وممارسة التفكير المنطقي - العقلانية
  3.  واتخاذ موقف شكي - الشكية - بخصوص المعارف المسبقة وهذا يؤدي إلى نسأل أنفسنا ويجعلنا نتمسك بالنتائج بشكل مؤقت فقط و أن لا نكون دوغمائيين - أن يكون لدينا مرونة لتغيير قناعاتنا وتصوراتنا.

هذه الثلاث الأفكار أو المبادئ، هي مبادئ عامة في جميع مناحي العلم وبدونها لن يكون هناك تفكير علمي أو نقدي.

 لنتفحص كل منها على حدة:

1. التجريبية : استخدام دليل التجربة:

دليل التجربة هو الدليل الذي يمكن أن يراه المرء أو يسمعه أو يحسه أو يتذوقه أو يشمه. هذا الدليل عرضة للحواس. أهمية الدليل التجريبي تكمن في كونه دليلاً للآخرين يمكن أن يحسوه مثلما تحسه ويمكن استعادته ويمكن بذلك ان تستعيده ويستعيده الآخرون بعد أن يقدم أي شخص معارفه التي يدّعيها. الدليل التجريبي هو النوع الوحيد من الأدلة الذي يمتلك هذه المواصفات وهو بذلك، النوع الوحيد الذي يستخدمه العلماء والمفكرون النقديون لاتخاذ قرارات هامة  والوصول الى نتائج عقلانية.

يمكننا أن نقارن الدليل التجريبي مع الأنواع الأخرى من الأدلة لكي نفهم قيمته. الدليل النقلي - الرواية - هو ذلك الدليل الذي يقول فيه أحدهم انه سمع آخراً  يقول. وهو لا يمكن الاعتماد عليه لأنك لا يمكن ان تتحق من المصدر. والأفضل من دليل الرواية هو دليل البينة - الشهادة - وهو على عكس دليل الرواية مقبول في المحاكم القانونية ولكن هذا الدليل غير مقبول بالاجماع  كما بينتْ كثير من الدراسات. تسمح المحاكم أيضًا  بدليل الظروف  (مثل الوسائل والدوافع وتوفر الفرص)، ولكن هذا واضح أنه لايمكن اعتماده ايضًا. الدليل الالهامي أو الالهام هو ان يقول أحدهم ان آلهة او قوى فوق طبيعية ألهمته، وهذا ليس دليلاً معتمدًا لأنه لايمكن ان يتحقق منه الآخرون ولا يمكن استعادته.

الدليل "الشبحي" هو ما يفترض أن يكون عن طريق الاشباح والأرواح والأمور الأخرى فوق الطبيعية. لقد تم استخدام الدليل الشبحي في الماضي لاتهام وشنق مجموعة من النساء البريئات في  مدينة "سالم" في ماساتشوسيس كعقاب للسحر في القرن السابع عشر قبل ان يمنع المستعمر هذا الدليل وتنتهي هذه المحاكمات.

الدليل العاطفي هو الدليل الذي يستمده المرء من أحاسيسه السخصية وهذا الدليل كثيراً ما يتم احترامه ولكنه يتعلق بشخص واحد، ولذلك لا يمكن اعتماده.

وأكثر الأدلة شيوعا مما يستبدل به الدليل العلمي هو الدليل السلطة - السلطوي -  الذي  يملي عليك أن تصدقه - سلطة شخص أو كتاب أو إعلان أو إعلان تلفزيوني تجاري .. و أحيانًا تكون السلطة معتمدة، فيكون الدليل السلطوي معتمدا. ولكن غالبية السلطات غير معتمدة، ولذلك يجب أن نتأكد من اعتمادية كل سلطة على حدة قبل ان نقبل ذلك الدليل. وفي النهاية،  يجب ان تكون انت سلطة ذاتك  وتعتمد على قواك في التفكير النقدي لتعرف إن كان ما تؤمن به معتمدًا. ونقل المعرفة هو على خلاف ذلك، أكثر الطرق شيوعًا  بين الناس لثلاثة أسباب أولها:

  1.  أننا تعودنا منذ الولادة على التدعيم الايجابي والسلبي من قبل آبائنا في ما نسمتع اليه ونصدقه ونطيع السلطات.
  2.  والثاني هو أنه من الشائع تصديق أن المجتمعات التي اعتمدت على مجموعة  قليلة من السلطات ذات الخبرة والتدريب في قرارات أثرت على الجميع،  كان لها بقاء و دامت أكثر من المجتمعات الأخرى التي لم تفعل ذلك، ولهذا فإن  ميلنا استقوى للخضوع للسلطات وانتقل الى المجتمعات المستقبلية بالانتخاب الطبيعي.
  3.  والسبب الثالث هو ان التعليم السلطوي هو أسرع وأكثر الطرق فعالية لنقل المعلومات التي نعرفها. ولكن لنتذكر أن بعض الأدلة السلطوية والمعارف يجب ان تختبر بالتجربة ودليل التجربة والتفكير المنطقي والتفكير النقدي قبل ان نقبلها كمعارف معتمدة وفي غالب الأحيان، فإنك ستقوم بذلك لنفسك وحسب.

ومن المستحيل طبعًا أن نحصل اليوم على تعليم جيد دون الاعتماد تمامًا - غالبًا - على الدليل السلطوي. المعلمون والمدرسون والبروفوسورات غالباً ما يعتبرون معتمدين وسلطات محل ثقة ولكنهم يجب أن يسألوا بين الحين والحين الآخر. إن استخدام الدليل السلطوي في التعليم ساري المفعول لدرجة أن استخدامها أصبح محل سؤال من عدم الثقة بالنظر إلى روح الاستاذية والسؤال العلمي  وهناك محاولات تمت في التعليم في كل المستويات في السنوات الاخيرة لتصحيح  هذا التوجه وذلك عن طريق تأسيس مناهج الاستكشاف والسؤال وبرامج دراسية  جديدة للفصول والمعامل. إن معمل الجيولوجيا المجدد في جامعة ميامي هو واحد من هذه المحاولات مثله مثل البرامج الطبيعية وموادها في قسم كلية ويسترن في ميامي. من السهل استغلال هذه البرامج في الانسانيات والعلوم الاجتماعية حيث يمكن ان نصل الى نتائج مختلفة ومؤكدة عن طريق البحث بالتفكير النقدي في مقابل العلوم الطبيعية حيث ان الحقيقة الواقعية للطبيعة هي حَكم ثابت و وسيلة تصحيح.

وللدليل التجريبي اسم آخر وهو الدليل الطبيعي؛ الدليل الموجود في الطبيعة. المذهب الطبيعي هو الفلسفة التي تقول ان "الحقيقة والوجود كالكون والطبيعة يمكن أن توصف وتشرح بالدليل الطبيعي والعمليات الطبيعية والقوانين الطبيعية" وهذا بالضبط ما يحاول أن يقوم به العلم. وتعريف آخر للمذهب الطبيعي هو "أن الكون موجود مثلما يقول العلم أنه موجود"، وهذا التعريف يؤكد على الرباط القوي بين العلم والدليل الطبيعي والقانون الطبيعي ويفصح لنا عن أن افضل فهم لنا للحقيقة المادية والوجود هو في النهاية مبني على الفلسفة. وهذا بحد ذاته ليس بمنقصةٍ، ولكن سواء كان المذهب الطبيعي صحيحًا أم لا، فإن العلم والمذهب الطبيعي يرفضان فكرة الحقيقة النهائية والمطلقة لصالح فكرة الحقيقة المعتمدة التقريبية والاكثر نجاحًا وترضي ثقافيًا أكثر من بدائلها كفلسفة ما وراء الطبيعية. الفوق طبيعي، لو وجد، فهو لا يمكن أن يُفحص ويُختبر عن طريق العلم وهو لذلك لا علاقة له بالعلم. ومن غير الممكن ان نمتلك معرفة معتمدة عن شئ فوق طبيعي باستخدام التفكير العلمي والنقدي. والناس الذين يدعون أن لديهم معارف عن الفوق طبيعي لا يمتلكون تلك المعارف عن طريق استخدام التفكير النقدي ولكن عن طرق أخرى للمعرفة!

العلم أصبح بشكل غير قابل للسؤال أكثر نجاحات الانسان في تاريخ الحضارة لأنه الطريقة الوحيدة والمنهج الوحيد الذي يكتشف بنجاح ويضع ويصيغ معارف معتمدة. والدليل على هذه المقولة، يطغى بشكل كبير لدرجة ان غالبية الناس  يطالعون كيف وصلنا لهذه الحضارة الحديثة التي بنيت من الاعلى للاسفل على الاكتشافات العلمية وتطبيقاتها وهي التكنولوجيا التي تخدم الانسان. والفلاسفة الذين يدعون امتلاك معارف نهائية او مطلقة  يجدون انفسهم مجبرين على تبرير معتقداتهم بإيمانهم بالدوغما والسلطة والوحي والالهام والتفسلف المصطنع لانه من غير الممكن استخدام المنطق المحدود الانساني او الدليل الطبيعي لبيان وجود المطلق والنهائي في العالم الطبيعي او الفوق طبيعي. التفكير العلمي والتفكير النقدي يتطلب ان يرفض المرء الايمان الاعمى والسلطة والالهام والاحاسيس الانسانية الذاتية أساساً لمعتقدات ومعارف معتمدة. هذه الطرق المعرفية الانسانية لها مكانها في حياة الانسان ولكن ليست كأساس للمعارف المعتمدة.

2. العقلانية: تطبيق التفكير المنطقي

يستخدم العلماء والمفكرون النقديون دائما التفكير المنطقي. المنطق يساعدنا على التفكير الصحيح ولكن هذا موضوع معقد وليس من السهل تعلمه. وكثير من الكتب تم تخصيصها لبيان طريقة التفكير الصحيح وليس هذا مكان التفصيل. ولكن اريد ان اشير ان غالبية الناس لا يفكرون منطقيا لانهم لم يتعلموا قط ذلك. المنطق ليس قدرة يولد بها الناس او تتطور معهم تدريجيا وتتحسن بذاتها ولكنها مهارة ونظام يجب تعلمه في بيئة دراسة نظامية. التفكير العاطفي وتفكير الأمل والرجاء اكثر انتشارا من التفكير المنطقي لانها أسهل بكثير  وأقرب للطبيعة الانسانية. وكثير من الافراد سيصدقون ان امرا ما  هو صحيح، لانهم يشعرون انه فعلا صحيح او يأملون ان يكون صحيحا او يرجون ان يكون صحيحا بدل ان يرفضوا عواطفهم ويقبلون ان تكون قناعاتهم خاطئة.

كثيرا ما يتطلب التفكير المنطقي التصادم مع رغباتنا لان المنطق يجبر المرء احيانا على رفض عواطفه ويواجه الواقع. وهذا كثيرا ما يكون مؤلما. ولكن لنتذكر هذا: العواطف ليست دليلا والمشاعر ليست حقائق والقناعات الذاتية الشخصية  ليست قناعات مادية ملموسة. وكل عالم ناجح ومفكر نقدي امضى سنوات ليتعلم كيف يفكر منطقيا وغالبا ما كان ذلك في  جو من الدراسة النظامية. ويتعلم بعض الناس التفكير المنطقي عن طريق التجربة والخطأ ولكن هذه الطريقة تضيع الوقت وليست فعالة واحيانا تكون فاشلة وكثيرا ما تكون مؤلمة ومتعبة.

افضل طريقة للتفكير منطقيا هي دراسة المنطق والتفكير في درس فلسفة واخذ مواد رياضيات وعلوم تجبر على استخدام المنطق وعلى قراءة الأدب العظيم ودراسة التاريخ والكتابة كثيرا. القراءة والكتابة والرياضيات هي الطرق التقليدية التي تعلم بها الجيل الحديث التفكير منطقيا - التفكير بشكل صحيح - ولكن العلم اليوم هو طريقة رابعة. وربما كان افضل شئ هو الكتابة كثيرا التي يراجعها فيما بعد شخص يتمتع بمهارات التفكير النقدي. معظم الناس لم يتعلموا التفكير النقدي والكثير من العبارات الغير منطقية نقبلها احيانا او لا نواجهها في مجتمعنا الحديث وهذا يؤدي عادة الى نتائج هدامة لمصالح المجتمع واحيانا  يؤدي إلى كوارث لان كثيرا من الناس لا يميزون هذه العبارات ولا يعرفون كينونتها و ماهيتها.

3. الشك: امتلاك موقف شكي

آخر فكرة هامة في العلم والتفكير النقدي هي الشك: التساؤل المتواصل لقناعاتك ونتائجك. العلماء الممتازون والمفكرون النقديون يواصلون فحص الدليل والحجج  واسباب قناعاتهم. خداع الذات وخداع الآخرين لك هما اكثر انواع الفشل الانساني شيوعاً. وكثيرا ما يسري خداع الذات دون الانتباه له لأن كثيرا من الناس يخدعون انفسهم. والطريقة الوحيدة للهرب من خداع الآخرين، والاكثر من ذلك خداع الذات، هي أن نفحص دومًا وبصرامة الأسس التي تجبرنا على ان نتمسك بقناعاتنا. يجب ان نُسائل الحقيقة ونسأل عن سبب اعتمادية ادعاء المعرفة عند الآخرين و اعتمادية المعارف التي نمتلكها فعلاً. و أحد الطرق للقيام بذك هي أن تختبر قناعاتك بمقارنتها  بالحقيقة الواقعية بتخمين النتائج المنطقية لقناعاتك والأفعال التي تنبع من تلك القناعات. إذا كانت النتائج المنطقية لقناعاتك تتوافق مع الحقيقة الواقعية التي نقيسها بالدليل التجريبي، فإنك تستطيع أن تستخلص ان قناعاتك معارف معتمدة، أي أن قناعاتك لها احتمالية كبيرة ان تكون صحيحة.

الكثير من الناس يعتقد أن الشكيين مغلقو عقول وإذا امتلكوا معارف معتمدة فسوف يقاومون أن يبدلوا رأيهم ولكن العكس صحيح. الشكيون يتمسكون بالقناعات بشكل مؤقت وهم منفتحون على الأدلة الجديدة والحجج العقلانية على تلك القناعات.  الشكيون ليسوا دوغمائيين أي أنهم ميالون إلى تغيير رأيهم ولكن في حال توفر دليل معتمد أو سبب عقلي يجبر المرء على تغيير رأيه. الشكيون لديهم عقول مفتوحة ولكن ليست مفتوحة لدرجة ان تسقط ادمغتهم وهم يقاومون الاقتناع بشئ مبدئيا دون دليل كاف او سبب وهذه ميزة  جديرة بالإقتداء والتقليد. العلم يتعامل مع الافكار الجديدة بنفس هذه الشكية: الادعاءات الكبيرة تتطلب ادلة كبيرة لكي تبرر موثوقية المدعي. كل يوم تواجهنا إدعاءات مدهشة وعجيبة ومتطرفة عن العالم الطبيعي وإذا لم نرغب في تصديق كل إدعاء علمي زائف او فوق طبيعي، فيجب ان نمتلك منهجاً يقرر لنا ما نصدق وما لا نصدق وهذا هو المنهج العلمي والتفكير النقدي.

المنهج العلمي في التطبيق:

نحن الآن على استعداد لنضع المنهج العلمي قيد العلمي. كُتبت الكثير من الكتب عن المنهج العلمي وهذا موضوع طويل ومعقد. وهنا سنتعامل معه باختصار وبشكل سطحي. المنهج العملي كما يستخدم في التفكير العلمي والتفكير النقدي يتضمن عددا من الخطوات:

  1. يجب على الشخص ان يسأل سؤالاً له معنى أو أن يحدد مشكلة ذات أهمية ويجب على المرء أن يستطيع صياغة المشكلة والسؤال بطريقة مقنعة، بحيث يمكن الاجابة عليه. كل محاولة لاكتساب معرفة يجب ان تبدأ من هنا. وهنا تأتي العواطف والمؤثرات الخارجية. ومثلا، فإن العلماء جميعهم محبون لاستطلاع الطبيعة وعليهم ان يمتلكوا هذا الميل الطبيعي لكي يحافظوا على الحماسة والطاقة الضرورية لهذا العمل العلمي الصعب والمتعب. وهناك عواطف قد تتداخل مثل الاثارة والطموح والغضب والاحساس بالظلم والسعادة وهكذا. ولاحظ ان العلماء لديهم مشاعر وبعضهم  - في مستوى عال - لا يسمحون لعواطفهم ان تعطي تقييمًا خاطئًا لنتائجهم وفي الحقيقة فان المنهج العلمي يمنعهم من ذلك  حتى لو رغبوا فيه.

وهناك عوامل خارجية يمكن ان تدخل في العملية. وعلى العلماء ان يختاروا المسائل التي سيعملون فيها وكم من الوقت عليهم تحديده لكل مسألة معينة وهم كثيرا ما يتأثرون بالعوامل الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية. العلماء يعيشون ويعملون في إطار ثقافي او محيط كثيرا ما يشكل طريقة عملهم في حل المشكلات وهم يعملون ضمن اطار نظريات غالبا ما تحدد فهمهم الحالي للطبيعة ويعملون في مجتمع غالبا ما يقرر اي الموضوعات العلمية سيتم دعمها ماليًا وأيها لن يُدعم ويعملون في النظام السياسي الذي غالبًا ما يحدد الموضوعات المسموح بها والمشكلات التي عليها مكافآت مادية وتلك التي ليس لها حظ من شئ من هذا.

واكمالاً للحديث في نفس النقطة، فإن العوامل العاطفية عادة ما تؤدي الى مفترق طرق. يمكن ان يغضب العلماء من المتسببين في التلوث ويختارون ان يدروسوا آثار الملوثات ويختار علماء آخرون آثار تدخين السجائر على الانسان لانهم يكسبون بذلك رزقهم  عند القيام بهذا البحث كعمل لشركات التبغ. يمكن حتى للحدس أن يستخدم ويؤدي الى طرق مختلفة لحل المشكلات ويمكن حتى للاحلام ان تؤدي الى حلول ابداعية للمشكلات. ولكن اود ان اؤكد ان وجود المؤثرات الثقافية المنتشرة صراحة والعاطفية والغير علمية لا تلغي الاعتمادية العليا والواقعية للنتائج العلمية لأن الخطوات المتسلسلة في المنهج العلمي تقضي بتقليص العوامل الخارجية وتساعد العلم في الوصول الى النتائج المعتمدة والواقعية مع الاعتراف ان ذلك قد يأخذ بعض الوقت لكي تتقلص النتائج الذاتية والغير المعتمدة.

وهناك مدرسة فكرية في مجال الانسانيات - الفلسفة والتاريخ وعلم الاجتماع - تدعى بما بعد الحداثة او البنائية العلمية التي تدعي ان العلم هو بناء ثقافي واجتماعي وان المعرفة العلمية تتبدل حتميا كلما تبدلت المجتمعات والثقافات وان العلم ليس له اساس صحيح من داخله ترتكز عليه ادعاءاته المعرفية الواقعية الموضوعية والمعتمدة. وباختصار، فإن مابعد الحداثة تؤمن ان العالم الحديث العلمي ذو عقل التنوير وواقعية التنوير  يجب ان يستسلم اليوم لعالم ما بعد الحداثة ذو النسبية والبنائية الاجتماعية والمساواة في العقائد. معظم العلماء الذين اطلعوا على هذه المدرسة يرفضونها كما ارفضها. ما بعد الحداثة تعتبر بالنسبة للعلماء لا علاقة لها بالعلم ولا بتطبيق العلم اطلاقا. وعلينا الان ان نترك هذا الموضوع الممتع لما بعد، للأسف، ولكن ربما تصادفكم هذه الافكار في درس من دروس الانسانيات واذا حدث ذلك فتذكروا ان تفكروا نقديا!!

2. على المرء ان يجمع المعلومات المتعلقة لكي يقدم على جواب السؤال وحل المشكلة باستنتاج الملاحظات. أول الملاحظات يمكن ان تكون بيانات نحصل عليها من المكتبة او معلومات من خبراتك الشخصية. ومصدر اخر للملاحظات  هو ان نحصل عليها من التجارب والخبرات السابقة. هذه الملاحظات وكل ما يأتي بعدها يجب ان تكون تجريبية في طبيعتها اي يجب ان تكون الملاحظات محسوسة وقابلة للقياس ويمكن استعادتها (تكرارها) لكي يتمكن الاخرون من استنتاج نفس الملاحظات. ومطلوب على العالم الكثير من الابداع والعمل الجاد الضروري لكي يستنتج نتائج علمية. والاكثر من ذلك ان الكثير من التدريب ضروري من اجل تعلم المناهج والتقنيات الخاصة بجمع البيانات العلمية.

3. والآن يستطيع المرء ان يقترح حلا او جوابا على سؤال أو مشكلة. ويسمى في العلم هذا الجواب او الحل فرضية وهي اهم الخطوات التي يمكن ان يقوم بها العالم لأن الفرضية المقترحة يجب ان تصاغ بطريقة يمكن بها اختبارها. الفرضية العلمية هي حل يتم الاعلام به ويمكن اختباره ويكون حلا تنبؤيا لمشكلة علمية يشرح ظاهرة طبيعية او عملية طبيعية او حدثا طبيعيا. وفي التفكير النقدي، كما في العلم، يجب ان يكون حلك المقترح قابلا للاختبار وإلا كان بدون فائدة من الاساس من اجل مواصلة استكشافه. كثير من الناس الذين هم ليسوا مفكرين نقديين يتوقفون عند هذه الخطوة ويرضون بجوابهم الاول  او حلهم الاول المقترح وهذا الافتقار الى الشك هو المعرقل الاول للحصول على المعرفة المعتمدة. وربما كانت بعض هذه الاجوبة الاولية صحيحة ولكن غالبها خاطئ والتمحيص النهائي سيكون قطعا ضروريا لتحديد صحة هذه الاجوبة والحلول الاولية.

4. بعدها، يخبتر المرء الفرضية قبل ان يتم يتم تعضيدها وتعطى اي مصداقية واقعية. وهناك طريقتان لعمل هذا. الأولى أن يقوم المرء بإجراء تجربة. وهذه عادة ما تذكر في الكتب الدراسية العلمية على انها الطريقة الوحيدة لاختبار الفرضيات ولكن بعض التأمل سيرينا ان كثيرا من المشكلات الطبيعية ليست قابلة للتجربة مثل الاسئلة التي تتعلق بالنجوم والمجرات وتكوّن الجبال وتكوّن النظام الشمسي  والاحداث المتعلقة بنظرية التطور في الزمن الغابر وهكذا. الطريقة الاخرى لاختبار الفرضية هو استنتاج المزيد من الملاحظات. كل فرضية لها نتائج وتقدم لنا تنبؤات عن ظاهرة ما أو عملية ما عندما نقوم بالاستكشاف. و باستخدام المنطق والدليل التجريبي، يمكن للمرء ان يدرس الفرضيات باختبار نجاح التنبؤات؛ اي  كم نسبة توافق التنبؤات والنتائج مع البيانات الجديدة والتصورات الاضافية والانماط الجديدة. أي أن خاصية التنبؤ في الفرضية هي أهم خاصية. الفرضيات التي تتضمن عمليات طبيعية او احداث طبيعية او قوانين طبيعية هي التي يمكن اختبارها  و الفرضيات الفوق طبيعية لا يمكن ان تختبر ولذلك تبقى خارج العلم ووجودها وعدمها لا علاقة له بالعلم.

5. اذا فشلت فرضية ما في الاختبار فيجب ان ترفض و تترك او تعدّل. معظم الفرضيات يعدلها العلماء الذين لا يحبون ان يتخلون عن فكرة يظنون انها صحيحة والتي أضاعوا فيها كثيرا من الوقت والجهد.
ولكن الفرضية المعدّلة يجب ان يتم اختبارها من جديد. إذا اجتازت الفرضية هذه الاختبارات تم اعتبارها فرضية معضدة ومؤيدة ويمكن ان تنشر. الفرضية المعضّدة هي التي اجتازت اختباراتها،  اي تلك التي كانت تنبؤاتها مؤكدة الصحة. والآن يأتي علماء آخرون ويختبرون تلك الفرضية. إذا تم  تعضيدها باختبارات آخرى فإنها تعتبر عالية التعضيد والآن تعتبر معرفة معتمدة. وبالمناسبة،  فإن الاسم المصطلح  عليه لهذا الجزء من المنهج العلمي هو منهج الاستنتاج للفرضية. ويسمى كذلك لأن المرء يستنتج نتائج التنبؤ للفرضية ويختبر هذه الاستنتاجات. التقكير الاستقرائي - البديل للتفكير الاستنتاجي - تم استخدامه مسبقا ليساعد في صياغة الفرضية. كلا هذين الصنفين من التفكير يستخدمان في العلم ويجب يستخدما بشكل منطقي.

العلماء لا يدعون ان الفرضية مثبتة بنوع من التشدد. ولكن احيانا يتم ادعاء ذلك عندما نستخدم اللغة العامة. وهم لا يدعون ذلك لان الدليل شئ يمكن ان نجده في الرياضيات والمنطق والنظم التي يكون فيها كل العوامل والشروط معرفة ومحددة،  وهذا ليس الحال في العالم الطبيعي. يفضل العلماء استخدام كلمة معضدة بدلا عن مثبتة ولكن المعنى في الاساس واحد.  الفرضية عالية التعضيد تصبح شيئا آخر اضافة الى كونها معرفة معتمدة. إنها حقيقة علمية. الحقيقة العلمية هي فرضية عالية التعضيد التي تم اختبارها تكرارا  والتي اصبح لها الدليل المعتمد موجودا وهذا يجعل رفضها حماقة ولا عقلانية. هذا النوع من المعرفة المعتمدة هو اقرب ما يستطيع الانسان ان يكون من الحقيقة بين قوسين وذلك لان هناك أنواعاً كثيرة من الحقيقة. ويجب ان يكون واضحا ان هذا المقال يتعامل مع الحقيقة العلمية والتي ليست الحقيقة ذاتها ولكنها افضل حقيقة يمكن ان يمتلكها الانسان عن العالم الطبيعي.

هناك الكثير من هذه الحقائق العلمية مثل وجود الجاذبية كخاصية لكل المواد وتطور كل الكائنات الحية في الماضي والحاضر ووجود الاحماض النووية في الحياة وحركة القارات والصفائح الأرضية الضخمة وتمدد الكون الذي يتبع انفجارا كبيرا وهكذا.  وكثير من الحقائق العلمية تخالف البديهيات والمعتقدات الفلسفية القديمة والأديان ولذلك يواصل كثير من الناس رفضها ولكنهم بذلك ينغمسون في اللاعقلانية والحماقة. و هناك كثير من المجالات الاخرى للفكر الانساني والفلسفة وكثيرٌ من نظم المعرفة الاخرى - مناهج اكتساب المعرفة - تدعي ان لديها معارف حقيقية  عن العالم حتى ان بعضهم يدعي ان حقائقهم نهائية ومطلقة، الصحة وهذا ما لا يمكن ان يدعيه العلم. ولكن حقائقهم ليست حقائق معتمدة لأنه رغم انهم قد يصيبون بالصدفة ولكنهم لم يبرروا حقائقهم بمنهج معتمد. وإذا كانت هذه الحقائق الغير معتمدة صحيحة - وانا لا ادعي ان كل هذه الانواع من المعارف باطلة - فليس لنا ان نكون واثقين ان تكون هذه الحقائق صحيحة مثلما نحن مع الحقائق العلمية.

6. الخطوة الاخيرة في المنهج العلمي هو بناء ودعم  والقاء الشك على النظرية العلمية. النظرية العلمية ليست تخمينا او حزرا او اقتراحا  مثلما يشاع في تعريف "النظرية". النظرية العلمية هي شرح جامع ومتماسك للعمليات الاساسية الطبيعية أو لظاهرة مبنية كليا على فرضية معضدة. النظرية إذن مبنية على معرفة معتمدة مبنية على حقائق علمية  وهدفها هو ان تشرح العمليات الطبيعية الكبرى والظواهر. النظريات العلمية تشرح الطبيعة عن طريق جمع ما لم يجتمع مسبقا، من الحقائق التي لا تتعلق ببعضها أو الفرضيات المعتمدة. النظريات العلمية هي اقوى وأكثر الشروحات صحة لكيفية عمل الكون  والطبيعة وكيف كانت الحياة وكيف يعمل كل هذا ومم يتكون وماذا سينتج منها. ولأن الانسان كائن حي وجزء من الكون فإن العلم يشرح كل هذا عن انفسنا.

النظريات العلمية مثل النظرية النسية  وميكانيكا الكم والثيرموديناميكا - الديناميكا الحرارية -  ونظرية التطور وعلم الجينات  وتحرك الصفائح  والانفجار الكبير هي الأكثر اعتمادية وصرامة وشمولية من المعارف التي يمتكلها الانسان. ولهذا فمن المهم لكل شخص متعلم أن يفهم من أين تأتي المعرفة العلمية  وكيف يمكن ان نحاكي هذا المنهج من اكتساب المعرفة. المعرفة العلمية تأتي من تطبيق التفكير العلمي باستخدام المنهج العلمي وهذا الشكل من استكشاف المعارف والتأكد من صحتها يمكن ان يتكرر ويتحقق على يد أي شخص يطبق التفكير النقدي.



كتبها: الدكتور ستيفن شافرزمان
قسم الجيولوجيا في جامعة ميامي
ترجمها: فاضل التركي

تعليقات

المشاركات الشائعة